د. جبريل ابراهيم رجل الدولة في زمن الإنهيار.. البقاء لرجال الدولة لا صائدي الفرص

هاله عبدالعزيز الطاهر
في خضم حربٍ طاحنة لم تُبقِ ولم تذر، وسط الدمار والانهيار، لم يتراجع الأبطال، بل ثبتوا في ميادين القتال والسياسة، ليحموا السودان من التمزق والانهيار التام. وفي صدارة هؤلاء، برز دور القوات المشتركة كحائط صدّ أمام تمدد الفوضى، وكسيفٍ مشرعٍ في وجه العدوان.
القوات المشتركة.. يدٌ تضرب وأخرى تحمي
القوات المشتركة – التي ضمت حركات الكفاح المسلح وعلى رأسها قوات حركة العدل والمساواة – كانت رأس الحربة في معركة دحر المليشيات والانفلات الأمني. لم تقف هذه القوات موقف المتفرج، ولم تكتفِ بالشعارات، بل حملت السلاح دفاعًا عن وحدة البلاد، وأثبتت أن السلام ليس ورقة توقيع، بل عهدٌ يُحمى بالدم.
هذه القوات، في ظروف شديدة التعقيد، كانت طوق نجاةٍ للمدن المحاصرة، ودرعًا للمواطن في مواجهة الفوضى. عملت بتركيبة منضبطة، وبقيادة سياسية وعسكرية تعرف تمامًا معنى الوطن ومعنى المسؤولية.
د. جبريل إبراهيم.. رجل الدولة في زمن الانهيار
لا يمكن الحديث عن الثبات والتماسك دون التوقف عند أحد أعمدة هذا الصمود: د. جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة السودانية. الرجل الذي واجه سيل الانتقادات والتحديات بإرادة صلبة، وواصل العمل في إدارة شؤون البلاد في أصعب الأوقات.
حين انهارت المؤسسات وتوقفت الخدمات، تولّى د. جبريل مسؤولياته في الدولة كوزير للمالية، وقائد سياسي بعقلية الأزمة وبروح المقاتل. لم يبحث عن ملاذ آمن، ولم يغادر البلاد كما فعل البعض، بل بقي وسط النيران، يُحاور، يُدير، ويُقاتل من أجل استمرار الدولة وبقائها.
من يطالب بإقصائهم؟ وأي منطق هذا؟
المفارقة المؤلمة أن بعض الأصوات – والتي لم تظهر إلا بعد اشتداد العاصفة – تطالب اليوم بإقصاء قيادات الكفاح المسلح من المشهد السياسي، متناسين أن من يطالبون بإخراجهم هم أنفسهم من ثبتوا حين فرّ الآخرون، وصمدوا حين انهار الجميع، وحملوا راية الدولة حين كادت تسقط.
هل يُعقل أن يُكافأ من حمى البلاد بالإقصاء؟
هل يُمكن أن نعيد تدوير الفشل ونقصي من صنع الفرق؟
أم أننا أمام محاولات انقلاب ناعمة، تمهد الطريق لعودة الانتهازيين؟
إن بقاء قيادات مثل د. جبريل إبراهيم ورفاقه في المشهد السياسي ليس منّةً من أحد، بل حقٌ أصيل وثابت، ومطلبٌ وطني لضمان استمرار الدولة التي قاتلوا من أجل بقائها.
أما دعاة الإقصاء، فهم إما واهمون أو مدفوعون بأجندات تُريد للسودان أن يبدأ من الصفر كل مرة.
السودان اليوم بحاجة إلى من ثبت في المعركة، لا من حضر بعد الدخان.